علماء السريان والحضاره العربيه الإسلاميه

علماء السريان والحضارة العربية الإسلامية

علماء السريان والحضارة العربية الإسلامية
التحولات الاجتماعية والعلاقات التي سادت في القرون الميلادية السبعة الأولى، تبدو عميقة الجذور في المجتمع والانسان في بلاد الرافدين التي كانت مؤلفة من اقوام ارامية وبابلية وآشورية وعربية .

وعندما أهتدى جمع من الناس في العراق بالمسيحية في الأعوام (39-50) للميلاد على يد أحد تلاميذالسيد المسيح السبعين، بدأت المسيحية بالأنتشار تدريجيا" في مدن سلوقية - طيسفون واربيل وكرخابيث سلوخ (كركوك) وغيرها ،كما كانت المسيحية قبل هذه الفترة بقليل عام (36م) قد بدأت بالنمو في مدن أفسس وانطاكيا في سوريا التي كانت تحت الحكم الروماني . وكان هنالك أساقفة قد توجهوا الى اليمن وخاصة نجران واستطاعوا أيضاً أن ينشروا الافكار المسيحية فيها ، والذي هاجر قسماً منهم مع قبائلهم ال العراق وسوريا لاسباب أقصادية ومنها أنخرام سد مأرب .وقد هاجرت قبائل من تغلب واياد وشيبان وتنوخ من ال عباد الى جنوبي العراق والى الصحراء السورية حيث كونت مملكتان واحدة في العراق بأسم المناذرة في الحيرة والاخرى في سوريا بأسم الغساسنة في بصرى وفي رصافا (سرجيوبوليس). وقد حالف المناذرة الفرس وملكهم كسرى واصبحوا سادة العرب وامتدُ نفوذهم الى الجزيرة العربية والخليج وخاصة البحرين وقطر. وفي بداية القرن السادس أسس المسيحيون الذين هاجروا في موجة ثانية في اليمن بعد أضطهادهم من قبل الامير اليهودي ذونواس مدنا في جنوبي العراق مثل كشكر (واسط) وعاقولا (كوفا) ودير قني (العزيزية( . بدأت في هذا القرن تأسيس مدارس في مدن بلاد الرافدين للتعليم ألاولى واصبحت في بداية القرن السابع زهاء (30) مدرسة أولية بالاضافة الى مدارس عليا في نصيبين وجنديسابور اللتين كانتا تابعتين الى الحكم الفارسي في العراق بالأضافة الى مدرستين عاليتين أخريين قي أنطاكيا والرها في سوريا الرومانية . وكانت مدرسة جنديسابور العليا تدرٌس والفلسفة والطب والرياضيات باللغتين الفارسية والسريانية بينما كانت مدرسة نصيبين تدرس اللغات والفلسفة والفلك.وقد توسعت مدرسة جنديسابور (بيت لافاط) لتشمل في نهاية القرن السادس نيما رستان لعلها اول رستان في الشرق الادنى الوسيط . وكانت المدرسة في هذا الزمن تدار من قبل علماء وأطباء سريان . وكانت مدرسة جنديسا بور ومدرسة أنطاكيا مؤولاً للثقافة والعلوم السريانية والطب السرياني والمتمثل بالأستفادة من الطب اليوناني النظري أضافة الى التجارب والمعالجة الميدانية.
وسنجد أن معظم العلماء والأطباء في بلاطات الخلفاء وفي بيت الحكمة كانوا من ألأطباء السريان بالأضافة الى عشرات المترجمين . وكانت أكاديمية بيت الحكمة تمثل قمة التلاقح العلمي والثقافي بين أقوام المنطقة العربية . كما كانت أحدى الدعامات العلمية الراقية للحضارة العربية ـ الاسلامية التي وضحت سماتها في عهد المأمون (813 - 833 م).
والحقيقة أن الأمة السريانية التي أزدهرت ثقافتها وأدبها في القرنين السادس والسابع الميلادييــن!
قد جعلت من أبرز اتجاهاتها وأفاقها ، ارتباطها بماضي البلاد وحضاراتة وخاصة الحضارتين البابلية ـ الكلدانية والآشورية وكذلك التراث العراقي واللغة الارامية وهي أصل السريانية ومنبع أدبها . وكانت هنالك قصص شعبية وحكايات تاريخية انتقلت بعد ذلك الى القصص الديني الأسلامي مثل قصة نبوخذ نصر وما فعله باليهود وقصة حياة سمير أميس والملك نمرود واسكندر ألاكبر ذو القرنين يأجوج ومأجوج ، وقصة السبعة مؤمنين الذين بقوا في الكهف ورواية الآخدود التي جرى فيها حرق المسيحيين في نجران في الاعوام (512-522 م). أما حياة السيد المسيح واقواله المقدسة وحياة مريم العذراء وولادتها العجائبية فقد سجلت بروعة على شكل ومضات في التراث الاسلامي . وهناك عدد من التعابير السريانية انتقلت الى اللغة العربيةممن بينها كلمة كتاب المأخوذة من الكتاب المقدس الذي كان يتردد على السنة المسيحيين الذين كانت تلقاهم القوافل المنطلقة من مكة والتي كانت تجلب اليها تجارة دمشق من الالبسة والانسجه المختلفة وكذلك كلمات مثل الفرقان، وآية ، ونور، وكاهن ، وسجود ، العلم ، وسفر.
وصلاح أضافة الى تعابير مثل بيعة وكنيسة شماس وعماد او عماذ وقبس وناقوس وطقس واسقف وابرشيه وزنار وغيرها وممن الجدير بالذكر أنه في مفتتح القرن السابع كان يتناثر في سهول العراق وهضابه وجباله اكثر من مئة دير واكثر من ثلاثين كنيسة بالأضافة الى (30) مدرسة اولية منتشرة خاصة في مدن طيسفون (المدائن) وسلوقية واربيل وكرخ بيت سلوخ (كركوك) وكشكر (واسط) والحيرة وكانت مدرسة الحيرة قد بدأت تعلم العربية والخط الحيري في القرن الخامس للميلاد . وكان قد تعلم بها العربية الشاعر المرقش الاكبر المتوفي سنة (552م) وأياس بن قبيصة الطائي (ت 612 م) وقبيصة ابن النصراني وغيرهم .
أضافة الى نشاة خط آخر سينضج في ما بعد بالكوفة قبالة عاقولا متآثر بالمربعات والاشكال المستقيمة للحروف في الخط السرياني دعي بالخط الكوفي . كما كان بلاط الملك النعمان ملك العرب مؤولاً للشعر العربي قبل الأسلام (العصر الجاهلي) في الجزيرة العربية والعراق وكان يجمتع فية القوم من القبائل العربية وشعراء أمثال النابغه الذبياني والاخطل وحاتم الطائي وابنه الشاعر والنابغة الجعدي الذين كان معظمهم من النصارى او من الموحدين بتاثير انتشار المسيحية . كما قدمت مدرسة الحيرة للبناء المعروفة ببناء القبب العالية والفناء الواسع المتأثر بالفن الأشوري والبابلي.
نماذج رائعة لم يجر الكشف عنها بعد حتى الان بالرغم من أن المؤرخين سجلوها بدقة وهو وجود سبعة عشر قصراً منيفاً في الحيرة وحدها وست كنأئس وعدد لايقل عن عشرة اديرة واهمها دير الكبرى اخت النعمان الاخير التي رفضت الزواج بملك الفرس كما رفضت الزواج بالقائد الذي طلب ان يتزوجها بعد ان فتح الحيرة ولعله خالدين الوليد. اما اللغة السريانية فقد ترشحت من اللغة الآرامية، وتعد لغة عامه الناس من ذوي الأصل الارامي، وسميت سريانية لانها نشأت في سورية، ولذلك سمي المسيحيون كلهم في المشرق سريان لأنهم ارادوا ان يختلفوا في بداية المسيحية عن الاراميين الوثنيين، نمت الثقافة والعلوم السريانية منذ القرن الثالث بفضل المدارس العليا في انطاكيا ونصيبين والرها وجند يسابورالتي وصلت الى قمة ازدهارها في القرن السابع الميلادي.

منقول

_________________