الذاكرة المغناطيسية:
لا داعي لإعادة الإقلاع بعد الآن
تصنع بتّات MRAM من مادة معدنية ممغنطة. وعندما تشير قطبية البت في اتجاه معيّن، فإنها تحمل القيمة 1، وفي الاتجاه الآخر، تحمل القيمة 0. حتى إذا فصلنا التغذية الكهربائية، ستبقى البتّات في أماكنها.
لا بدّ وأن الأمر قد حدث معك مرات عديدة لدرجة أنك لا تريد أن تتذكّره. أثناء عملك على الحاسوب، وفي اللحظة التي تكون فيها على وشك أن تضع آخر نقطة في رسالة بريد إلكتروني مؤلفة من أربع صفحات، تتعرقل قدمك بكبل التغذية، مما يؤدي إلى خروجه من المأخذ الكهربائي. لقد ضاع البريد الإلكتروني كلياً، وقبل أن تبدأ بإعادة كتابته من جديد، عليك أن تنتظر لعدة دقائق حتى يُقلع الحاسوب، تلعن خلالها نفسك على ما فعلته، بينما يستعد نظام التشغيل ويندوز للإقلاع من جديد.
قد تصبح مثل هذه الحوادث المرعبة ضرباً من ضروب الماضي، بفضل ذاكرة الوصول العشوائي المقاومة للمغناطيسية (magnetoresistive random access memory)، أو اختصاراً MRAM. ومن المتوقع في منتصف هذا العقد، أن تبدأ الشركات المصنّعة ببناء حواسيب بذاكرات MRAM. وإذا فقد الحاسوب المزوّد بذاكرات MRAM التغذية الكهربائية لسبب من الأسباب، يمكنك إعادة إقلاعه في لحظة، وستجد أن صفحات رسالة البريد الإلكتروني الأربع بانتظارك حيث تركتها.
تستخدم حواسيب اليوم ذاكرات SRAM (ذاكرات RAM الساكنة) وذاكرات DRAM (ذاكرات RAM الديناميكية)، ويفقد كلا النوعين محتوياته فور انقطاع التغذية عنه، ولا تستطيع هذه الذاكرات تخزين المعلومات إلا إذا كانت مغذاة بالطاقة الكهربائية. وتتألف ذاكرات DRAM من سلسلة من المكثّفات التي يمكنها تخزين المعلومات على شكل شحنات كهربائية. ويمثّل المكثّف المشحون القيمة 1، على حين أن المكثّف غير المشحون يمثّل القيمة 0.
للمحافظة على القيمة 1، يجب تغذية المكثف بشكل متواصل بالطاقة الكهربائية. ويقول Chia-Ling Chien، أستاذ الفيزياء في كلية Krieger School of Arts and Sciences، في جامعة John Hopkins University، والذي تركّزت أبحاثه على البنيات المغناطيسية منذ زمن طويل: "إن الشحنات التي نضعها في المكثّف تتسرب باستمرار. ويجب تعويض الشحنات المتسربة عدة آلاف المرات في الثانية الواحدة، وإلا فإن شحنة المكثف ستختفي".
هذا هو السبب في اختفاء كل شيء عند سحب المقبس من الحاسوب. ولا يمكنك مطلقاً استعادة المعلومات التي لم يتم تخزينها على القرص الصلب. وعند إعادة تشغيل النظام مرة أخرى، عليه أن يعيد تحميل نظام التشغيل بأكمله من جديد.
تقوم ذاكرات MRAM، التي تختمر في مخابر الأبحاث منذ سنوات، بتخزين البتّات كقطبيات مغناطيسية بدلاً من شحنات كهربائية. وتكون بتّات MRAM مصنوعة من مواد معدنية ممغنطة. وعندما تشير قطبية البت في اتجاه معين، فهي تحمل القيمة 1. وعندما تشير قطبيتها في اتجاه آخر، فهي تحمل القيمة 0. وتحتاج البتّات إلى الكهرباء لتغيّر قطبيتها لكن ليس للمحافظة عليها. ولا تفقد ذاكرات MRAM محتوياتها، ولذلك فإن جميع البتّات تحافظ على قيم الواحدات والأصفار عند انقطاع التغذية الكهربائية.
يقول البروفيسور Chien: "إذا حلت ذاكرات MRAM محل ذاكرات DRAM، فلا داعي للقلق عندما ينهار حاسوبك قبل أن تتمكّن من تخزين الأعمال التي كنت تقوم بها على القرص الصلب، إذ سيبقى كل شيء في الذاكرة". كما أنك لا تحتاج إلى إعادة تحميل نظام التشغيل، الذي يبقى في الذاكرة، مما يسمح لك بإعادة تشغيل نظامك بشكل لحظي.
من المتوقع أن تظهر ذاكرات MRAM في الأسواق في العام 2004. وقد عرضت شركة موتورولا في يونيو/حزيران عام 2002، أول رقاقة MRAM بسعة ميجابايت واحد. وتعمل شركتا هيوليت باكارد وIBM أيضاً على تطوير هذه التقنية. لكن الأمر قد يستغرق وقتاً لا بأس به، قبل أن تصبح ذاكرات MRAM في كل حاسوب، وذلك لأن الشركات المصنّعة للحواسيب بنت تصاميمها وبنيتها التحتية على معمارية ذاكرات DRAM، ويحتاج استبدال البنية التحتية لهذه الشركات إلى الوقت والمال. ويقول Jim Handy، المحلل في شركة أبحاث التسويق Semico Research : "في أي وقت تبتعد فيه عن السيليكون الصافي، ستكون هناك مشاكل من الصعب جداً تجاوزها". ويتوقع أن لا تحل ذاكرات MRAM محل ذاكرات DRAM قبل 10 إلى 20 سنة.
قد تسمح ذاكرات MRAM للمطورين بإعادة اختراع أجزاء أخرى من الحاسوب أيضاً. ونظراً لأنه من المتوقع أن تكون هذه التقنية أسرع بكثير من الوسط دائم المغناطيسية المستخدم في الأقراص الصلبة حالياً، فإنها قد تؤدي إلى اختراع أجهزة تخزين أفضل. ومن الممكن أن تصبح هذه التقنية حافزاً لإنتاج صنف جديد من المعالجات الميكروية. ويقول Chien، مشيراً إلى المعمارية المنطقية للمعالجات: "في أيامنا هذه، إن كل بوابة AND، وكل بوابة OR، يتم حرقها ضمن المعالج ولا يمكن تغييرها". ويتابع: "الأمل الوحيد هو أن تنضج ذاكرات MRAM، في يوم من الأيام، بالقدر الكافي لاستخدامها في دارات المنطق المبرمج (programmable logic)، بحيث يمكنك بناء رقاقتين متماثلتين تماماً، وتشكيلهما فيما بعد لتقوما بأشياء مختلفة كلياً".
لكن هذه الأمور تعتبر مزايا إضافية. والفائدة الرئيسية لهذه التقنية هي عدم حاجتك للخوف من أن تتعرقل قدمك بكبل الحاسوب وتفصل التغذية الكهربائية عنه!
_________________