«البرادعى» يطالب بتشكيل لجنة مستقلة وإشراف قضائى كامل ورقابة دولية.. قبل إعلان موقفه من الترشح للرئاسة
كتب فيينا ــ خاص «المصرى اليوم» ٤/ ١٢/ ٢٠٠٩
أصدر الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، بياناً، أمس، تعقيباً على ما تناولته وسائل الإعلام المصرية مؤخراً حول احتمالات ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة، وتضمن البيان ما يمكن اعتباره شروطه لخوض الانتخابات.
وقال البرادعى فى البيان الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه: «تابعت باهتمام فى الفتره الأخيرة الآراء والأصوات التى تدعونى إلى التقدم للترشح فى انتخابات الرئاسة المصرية، ومع تقديرى العميق والصادق لهذا التوجه النابع من قطاعات مختلفة ومتباينة من الرأى العام المصرى أفرادا وأحزابا،
والتى ترى أنه يمكننى المساهمة فى عملية إصلاح وتغيير شامل فى مصر تقوم على أسس سليمة للديمقراطية والعدالة الاجتماعية من ناحية، وتستعيد لمصر دورها الإقليمى والدولى المنوط بها من ناحية أخرى، إلا أننى أود أن أوضح أن موقفى من هذا الموضوع سيتحدد على ضوء كيفية التعامل مع أمور أساسية:
أولا: لابد أن تجرى العملية الانتخابية التشريعية والرئاسية على غرار المعمول به فى سائر الدول الديمقراطية المتقدمة منها والنامية فى إطار ضمانات تشكل جزءاً لا يتجزأ منها، وتشمل هذه الضمانات ضرورة إنشاء لجنة قومية مستقلة ومحايدة تتولى تنظيم جميع الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية لضمان نزاهتها،
إضافة إلى الإشراف القضائى الكامل غير المنقوص على الانتخابات، مع تواجد لمراقبين دوليين من قبل الأمم المتحدة كما هو الحال فى معظم دول العالم لإظهار شفافية الانتخابات، وتنقية الجداول الانتخابية لتكون صادقة وكاملة، وإتاحة مساحات متكافئة فى جميع أجهزة الإعلام الحكومى للمرشحين ليتمكنوا من طرح أفكارهم وبرامجهم. وبالإضافة إلى الحاجة الماسة لهذه الضمانات للتأكد من سلامة الانتخابات فإنها فى نفس الوقت سوف تبعث رسالة واضحة لعالمنا المتشابك بأن هناك عمليه إصلاح وتغيير حقيقية فى مصر.
ثانياً: إذا قررت الترشح لهذا المنصب الرفيع، وهو الأمر الذى لم أسع إليه، فسيكون ذلك إذا رأت الغالبية العريضة من أبناء الشعب المصرى بمختلف انتماءاته أن ذلك سيصب فى مصلحة الوطن، وقناعتى بأن من يتولى هذا المنصب فى تلك المرحلة الحرجة من تاريخ مصر يجب أن يكون رئيسا توافقيا يلتف حوله الجميع،
ويتطلب هذا بالضرورة فتح باب الترشح لجميع المصريين سواء أعضاء فى أحزاب أو مستقلون عن طريق إزالة مختلف العوائق الدستورية والقانونية المقيدة لحق الأغلبية العظمى فى الترشح لكى تكون هناك فرصة متكافئة وحقيقية أمام الجميع دون اعتبارات حزبية أو شخصية، وما لم تتم إزالة هذه العوائق فستفتقر هذه الانتخابات للشرعية اللازمة لتناقضها مع جوهر الديمقراطية ألا وهو حق الشعب فى اختيار من يمثله وستكون نهايتها فى أغلب الأمور معروفة مقدما مثلها فى ذلك مثل أسطورة إغريقية.
ثالثا: كلنا متفقون على ماهية مشاكلنا ولكن المهم أن يكون هناك إجماع وطنى على القيم الأساسية التى يرتكز عليها بناء دولة مدنية عصرية تقوم على الحداثة والاعتدال والحكم الرشيد.
وهذا يتطلب منا أن نعكف على وضع دستور جديد يقوم على كفالة جميع الحريات وحقوق الإنسان المتفق عليها عالميا. دستور يقوم على توازن دقيق ورقابة متبادلة بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى.
دستور يقوم على قناعة بأن الدين لله والوطن للجميع، ويضع إطارا لنظام سياسى واقتصادى واجتماعى قائم على تمكين الشعب نساء ورجالا، وعلى مشاركة الجميع بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم واحترام الأغلبية وحماية الأقلية وتكافؤ الفرص ووضع أطر لتحقيق طفرة فى مختلف المجالات تقوم على التفكير العقلانى والتعليم المتميز والتركيز على البحث والتطوير العلمى، طفرة توازن بين الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية.
أود التاكيد على أن الأمر فى النهاية لا يتعلق بشخص أو بآخر وإنما يتعلق بمصير وطن ويدرك الجميع أن الماضى له ما له وعليه ما عليه، ولكن لكى نغير من واقعنا إلى الأفضل يجب أن يكون تركيزنا على التحديات الحالية والمستقبلية التى تنتظرنا وهى كثيرة ومتعددة،
وأن نتحلى بالقدرة على الرؤية الشاملة وروح المصارحة والمصالحة دون أن نشغل أنفسنا كثيرا بالماضى وتبعاته فى المرحله الراهنة على أن نشارك جميعا فى بناء مجتمع يقوم على حرية الرأى وحرية العقيدة والحرية من الحاجة والحرية من الخوف، مجتمع غايته الأولى ضمان حق كل إنسان مصرى فى حياة حرة كريمة آمنة