{{إيقاعات و رؤى جماليات القصة القصيرة }}
القصة عموماً عمل إبداعي محض ينضده خيط السرد المحكم و براعة القاص المنصهر
فى هموم مجتمعه ، و لكل منا قصته و يرويها فى هذه الحياة بكل طعومها ،
و قد دخلت القصة القصيرة مجتمعنا على استحياء لتراحم هذا العالم الزاخر
بالشعر المتسيد ، تبحث عن مكان لها فلا تجده إلا فى عفوية الطرح و التكثيف المضغوط
بحميمة حس القاص 00
و القصة القصيرة مخلوق زئبقي يروغ بين يدي المبدع فى صراع مرير حتى يتمكن منه ،
فإذا تطابقت لغته مع فكرته أمكن القاص أن يجسده فى عبارات مقتضبه هى الحد الأعلى
فى عملية الطرح ، على أن تكون النصوص شهيدة عصرها تعالج قضايا لم تفقد
الصلاحية لتدب فيها الحياة و لا يعلم إلا الله سبحانه و تعالي كيف سيكون طعم الحياة
بلا قص ، فهي تشعر متعاطيها بقمة السعادة دون أن تنساه من سويعات ألم لذيذ
يسبق ولادتها ، و القصة القصيرة وجبة غنية إذا توفر لها طاه ماهر و كانت لديه
الرغبة للتقيؤ على الورق ، و غالباً ما تأتي هذه اللحظة على مشارف الموت
حين يلقي القاص بنفسه فى بركة من القطن و يكف عن العوم ، و كما أن أفضل
الوجبات ما جاءت دون تكلف فكذلك الحال مع القصة القصيرة فهي وجبة غنية
بتلقائيتها ما تلبث أن تحط على مدرج الواقع حتى تبحث عن قارئ تسكنه فى
محاولة جادة منها للتحرر من قصة المبدع ، و كم يخذلها الحال عندما لا تجد فى ا
لمتلقي ذلك الميدان الذي وجدت من أجله ، فترتد كسيرة لتصيب القاص بالإحباط
و المجتمع بالتأخر ، و يظل الإنسان يتخبط فى صحوة ومنامه باحثاً عمن يقول قصته 0 0
و الحوار فى العمل القصصي من ابرز جمالياتها فهو يتعلق أثناء السرد الحكائي
و لا يشبهه إطلاقا لأن السرد من خصوصيات القاص ، و الحوار من خصوصيات البطل
بكل مكتسباته فلا ينبغي فى نظري أن يتم الحوار بلغة القاص التى يفترض فيها إنها
مثقفة جداً ، و هنا تنشأ إشكالية الحوار بالعامية أو الفصحي على أنني أري أنه
من خصوصيات الشخوص فحديث الإنسان الأمي غير حديث المثقف و الدارس و الأبناء
غير الآباء ، و قد وصلت عندنا إلي مصاف التجارب العربية و العالمية بعد
أن تجاوزت عائق تحديد الهوية 00
و هذا عامل سببه القاص بالدرجة الأولي حين غرقت بداياته فى المحاكاة و الاندهاش بالآخر ،
ومن ابرز سمات القصة المكان و الزمان و الحدث فبغيابها فى القصة القصيرة
و القصيرة جداً على وجه الخصوص يعطي صورة غير مثالية للبطل ،
فتلاشي الزمان و غياب المكان و انحسار السرد و تقنياته تحت وطأة التقتير
يفقد العمل احلي ما فيه مخلفاً قطيعة بين المتلقي و النص يذهب ضحية الراوي
(( البطل )) و تكف الساعة عن النبض و يتلاشي الزمان و يغيب الحدث
و يتوارى السرد فتكون المحصلة حياة أشبه بالموت و بالتالي يأتي الجنين مشوهاً
فى اغلب الأحيان ، و إن احتفظ بجينات القص 0 0 ربما تكون التجارب الكتابية الأولي
عشوائية كما القراءة ، و لكن مع الخوض فى الحياة الدراسية و الندوات الأدبية
و الأمسيات الشعرية بدأ التوجه الفعلي لكتابة خاصة ،
و كانت علاقتي بالشعر منذ بداياتي الكتابية الأولي لذا فقد وجدت أنه من اللائق
أن أقوي علاقتي بالسرد من خلال لغتي الشعرية الخاصة بي
بدأت أقرأ فعلياً أعمالا متميزة و ابحث عن السبب الذي جعلها متميزة ،
فكرت بالشكل و المضمون و بدأت أتوقف عند كل نص اكتبه و أضعه فى ميزان المقارنة
مع ما هو منشور للكثير من كتاب القصة فى العالم و كنت أتساءل هل هذه
حقاً قصة قصيرة ؟ و هذا ليس بالسؤال السهل لأنه فى حالة اقتناعك بأن ما
كتبته يعد عملاً قصصياً جيداً تصاب بداء التكلس فتفقد القدرة على التجاوز
و لكن عند اقتناعك بأن العمل الجيد هو ما ستكتبه سيكون ذلك دافعاً للتجاوز
و لقد حملت شعاراً "" لن تكتب إذا لم تقرأ "" مع مرور الزمن أضفت بعض الكلمات
على ذلك الشعار ليكون "" لن تكتب عملاً جيداً إذا لم تقرأ كتاباً جيداً ومفيداً